رام الله- للمرة الثانية خلال أسبوع، فازت الكتلة الإسلامية -الذراع الطلابية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- في الجامعات، مقابل كتلة الشبيبة -الذراع الطلابية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).
وتعد الكتلتان أبرز المتنافسين في انتخابات المجالس الطلابية للجامعات، التي تجرى عادة خلال فصل الربيع كل عام، مع حظوظ أقل للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وتقدمت الكتلة الإسلامية أمس الأربعاء في انتخابات جامعة بيرزيت، والأسبوع الماضي في انتخابات جامعة النجاح الوطنية، في حين تقدمت حركة الشبيبة بصعوبة في انتخابات جامعة بوليتكنك فلسطين في مارس/آذار الماضي.
تأتي هذه النتائج مع استمرار حالة الملاحقة الأمنية من السلطة ومتابعات ومضايقات من الاحتلال لطلبة الكتلة الإسلامية، وفق تقارير حقوقية من جهة، وكذلك تصاعد حالة المقاومة في الضفة والعدوان الإسرائيلي على غزة من جهة ثانية.
فما أبرز المؤثرات في توجهات الطلبة ونتائج انتخابات الجامعات؟ وإلى أي مدى تعد نتائجها انعكاسا لتوجهات الشارع الفلسطيني؟
الصندوق انعكاس لحالة المواجهة
عند النظر لنتائج الانتخابات، لا بد من النظر لمجموعة محددات، وفق مدير مركز “يبوس” للاستشارات والدراسات الإستراتيجية سليمان بشارات، وأولها أن انتخابات الجامعات “تجمع بين المفهوم النقابي الخدماتي والإطار السياسي، بوصف الكتل الطلابية امتدادا فكريا للحركات والفصائل الفلسطينية، وبالتالي لا يمكن عزل نتيجة التصويت عن المواقف السياسية التي تمثل مادة دعائية خلال الحملات الانتخابية”.
وأشار -في حديثه للجزيرة نت- إلى الاحتلال بوصفه محددا ثانيا؛ “فما يمارسه الاحتلال على الأرض من اعتداءات واستهداف، وما يقابله شعبيا أو تتبناه الفصائل الفلسطينية ينعكس على مواقف الطلبة في التصويت”.
ولفت إلى غياب حالة الديمقراطية العامة فلسطينيا، مبينا أن عدم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية منذ 2006 يجعل الجيل الشاب متعطشا للحضور والمشاركة حتى يعيش التجربة.
وفي ما إذا كانت انتخابات الجامعات تشكل مقياسا لشعبية الفصائل في الشارع، يقول بشارات إن الإجابة ترتبط بالتوقيت الزماني، والممارسة الفعلية للأرض لكل امتداد تنظيمي لهذه الكتل الطلابية.
وأضاف أنه في الوقت الحالي هناك ارتفاع في مستوى التأييد الشعبي والجماهيري فلسطينيا لحالة المواجهة مع الاحتلال، وبالتالي تصب في صالح الكتل الطلابية ذات الامتداد لبرنامج المقاومة، في حين تتراجع حركة فتح بوصفها تركز على المقاومة الشعبية أو السلمية في هذه المرحلة.
وتابع أن “انخراط حركة فتح في السلطة الفلسطينية وانصهار قيادتها وحتى جزء من قيادات الحركة الطلابية تحت إطار السلطة الفلسطينية؛ يجعلها تتحمل تبعية الأخطاء التي تقع فيها، وتدفع ثمنا لها من خلال صناديق الانتخابات”.
ومع ذلك، يرى المتحدث أن حركتي فتح وحماس ما زالتا الأكثر قدرة على الحشد وتعبئة الجماهير في أي تجربة، “مما يتطلب منهما التخلي عن فكرة الإقصاء، وتحقيق مبدأ المشاركة السياسية”، حسب تعبيره.
لا علاقة بين الجامعات ومزاج الشارع
من جهته، يقلل مركز القدس للدراسات المستقبلية أحمد رفيق عوض من “العلاقة الارتباطية وحتى الإحصائية” بين انتخابات الجامعة وانتخابات الجمهور.
وفي حديث للجزيرة نت، يوضح عوض أن انتخابات الجامعة “تخص عينة منسجمة ومتماثلة في العمر والاهتمامات، بعكس الجمهور الفلسطيني غير المتماثل، بل ويعيش فروقا كبيرة، ويتكون من جهويات وانتماءات عديدة”.
وأضاف عوض أن انتخابات الجامعات تتأثر عادة بالأحداث الآنية، “وفيها حماسة شديدة ومثاليات وتوقعات مرتفعة جدا، ضمن أيديولوجيات وأيقونات محددة، والجمهور ليس هكذا أبدا”.
وفيما إذا كان لانتخابات الجامعية تأثير على اتجاهات صنّاع القرار نحو إجراء أو عدم إجراء الانتخابات العامة، يرى الباحث الفلسطيني أن حسابات الانتخابات العامة مختلفة عن انتخابات الجامعات.
واختتم بالقول إن “الجامعات قد تشكل مؤشرا، لكنها لا تخلق قرارا، لأن قرار الانتخابات تشريعية -سواء كانت أو رئاسية- ليس فلسطينيا فحسب، بل تؤخذ فيه آراء إقليمية وعالمية”.
فتح: نحافظ على حجمنا الحقيقي
من جهتها، تعزو حركة فتح لنفسها فضل إجراء الانتخابات، وتفسر تراجعها في كبرى جامعات الضفة بمجموعة عوامل محلية، وحتى دولية، وفق الناطق باسمها حسين حمايل.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف حمايل أن الانتخابات الجامعية “حالة من الديمقراطية قد تكون حركة فتح هي الأساس فيها، لأنها ترتضي العمل الديمقراطي في الوقت الذي يحرم فيه قطاع غزة من هذه الانتخابات”.
وقال إن حركة فتح “حزب ملتصق بالسلطة والقيادة السياسية الفلسطينية، والحصار المالي الذي يفرض على السلطة يعيق الكثير من الإنجازات على الأرض”.
ورأى أن حركة حماس استغلت انتخابيا “الوضع الصعب في الضفة الغربية بسبب الحصار الأميركي والإسرائيلي”، مضيفا أنه رغم ذلك “فإن فتح تصر على استقلال القرار الوطني الفلسطيني، ولن ترضخ لأي ضغوط أو إملاءات إقليمية أو دولية أو تمويلية، وحركة فتح “رغم كل هذه الظروف الصعبة تحافظ على حجمها الحقيقي في الشارع الفلسطيني”.
وقال إن “نجاح العرس الديمقراطي هو أولا نجاح لحركة فتح”، معربا عن أمله أن تجرى الانتخابات في قطاع غزة كما في الضفة.
أما عن تأثير تلك النتائج على إمكانية إجراء انتخابات عامة ورئاسية، فقال حمايل إن “الاحتلال والتخاذل الدولي هما المعيقان لممارسة حقنا في إجراءات الانتخابات في كافة المدن الفلسطينية، بما فيها القدس”.
وفي 30 أبريل/نيسان 2021 قرر الرئيس محمود عباس تأجيل انتخابات تشريعية ورئاسية كانت مقررة في العام نفسه، لحين ضمان سماح السلطات الإسرائيلية بمشاركة سكان مدينة القدس المحتلة فيها.
🔵🎞 #فيديو | القائد إسماعيل هنية خلال مهرجان فوز الكتلة في بيرزيت: الكتلة أثبتت قدرتها على تطويع كل الظروف لصالحها. pic.twitter.com/JRr8iM8e99
— قناة الأقصى الفضائية (@SerajSat) May 25, 2023