يرى خبراء أن العمارة تؤثر على حياتنا وهويتنا، سواء من خلال تغيير أنماط التسوق في المولات الحديثة، أو الحفاظ على الخصوصية في بيوت الرياض المراكشية، أو استخدام الأشجار كأداة سياسية لإعادة كتابة التاريخ.
وتناول برنامج “العمارة والإنسان” في سلسلة حلقات، 3 مواضيع مثيرة للاهتمام تسلط الضوء على العلاقة المعقدة بين العمارة وحياة البشر، واستكشفت هذه الحلقات عوالم متباينة من مولات التسوق العصرية إلى بيوت الرياض التقليدية في مراكش، وصولا إلى استخدام الاحتلال للأشجار كأداة لطمس التاريخ الفلسطيني.
وبدأت السلسلة بتناول ظاهرة مولات التسوق، التي تعد تطورا حديثا لفكرة السوق التقليدية، فكرة السوق التي نشأت مع بدايات التجارة البشرية، وكانت أكثر من مجرد مكان للبيع والشراء في الحضارة العربية والإسلامية.
حيث كانت الأسواق قديما بمثابة مراكز ثقافية واجتماعية، يلتقي فيها الناس لتبادل الأفكار والأشعار والأسرار، إضافة إلى السلع.
وفي المقابل، تقدم المولات الحديثة مجموعة متنوعة من الأنشطة مثل دور السينما والمطاعم والملاهي وصالات الرياضة.
لكن الهدف من هذه الأنشطة تغير من كونه وسيلة للتبادل الثقافي والاجتماعي إلى محاولة لإبقاء المتسوقين داخل المول لأطول فترة ممكنة، ودفعهم لشراء المزيد من السلع، حتى تلك التي قد لا يحتاجونها فعليا.
رياض مراكش
وانتقل البرنامج بعد ذلك إلى استكشاف عمارة “الرياض” في مدينة مراكش المغربية، التي تعد نموذجا فريدا للبيت المثالي، وأبرز ما يميز هذا النمط المعماري هو التشابه الخارجي بين جميع المنازل، بغض النظر عن الوضع الاقتصادي لساكنيها، مما يخلق نوعا من المساواة الظاهرية بين الأغنياء والفقراء.
وكشف البرنامج أن اسم “الرياض” مستوحى من تشبيه المنزل بالجنة، وهو ما يتناقض مع العمارة الحديثة التي غالبا ما تعكس الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بشكل واضح، وتتميز عمارة الرياض بخصوصية عالية، حيث لا يمكن معرفة ما يجري داخلها دون الدخول إليها، ويحمل كل رياض قصته الخاصة، التي لا يمكن لأحد معرفتها دون طرق بابه المزين بالنقوش والرموز الفريدة.
طمس معالم القرى
وفي الجزء الأخير من السلسلة، تم تسليط الضوء على قضية مثيرة للجدل تتمثل في استخدام الاحتلال الإسرائيلي للأشجار كوسيلة لطمس معالم القرى الفلسطينية المدمرة.
حيث كشفت الحرائق الكبيرة التي اندلعت فيما يسمى بـ”الغابات القومية” في إسرائيل عن وجود آثار لقرى فلسطينية تحت هذه الغابات، مما يدحض الادعاء بأن فلسطين كانت “أرضا بلا شعب”.
وألقت قصة الكاتبة اليهودية هايدي من جنوب أفريقيا الضوء على هذه القضية، فقد اكتشفت هايدي، التي هاجرت إلى إسرائيل كمراهقة، وجود أنقاض قرية فلسطينية مخفية تحت ما يسمى بـ”غابة جنوب أفريقيا” في منطقة الجليل، وقالت إن “هذا الاكتشاف غير حياتها وفتح عينيها على حقيقة استخدام التشجير كأداة للاحتلال وطمس الهوية الفلسطينية”.