تناول مقال في صحيفة “نيويورك تايمز” الخلاف الذي طفح إلى السطح بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول الحرب الدائرة في قطاع غزة، وما يعنيه كل منهما في حديثهما عن خطوط حمراء.
وورد في المقال -الذي كتبه الصحفي الأميركي المخضرم ديفيد سانغر- أن بايدن بدا أنه يحاول لفت نظر نتنياهو إلى العواقب الفادحة التي قد يترتب عليها هذا الخلاف في وقت تتجه فيه العلاقة بينهما نحو حضيض جديد.
لكن الرئيس الأميركي لم يقل قط -وفق المقال- ما الذي سيحدث إذا تجاهله رئيس الوزراء الإسرائيلي وواصل العملية العسكرية باجتياح مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، وهي خطوة لطالما وصفها بايدن بأنها ستكون خطأ فادحا.
بايدن متردد لخشيته من التراجع
ويعزو سانغر تردد بايدن في الإفصاح عما سيلجأ إليه في تلك الحالة إلى أن الرئيس لم يشأ التلويح بالرد الذي قد يتخذه، “أو لأنه لا يريد أن يتعرض هو للانتقاد في حال تراجع عن أي إجراء يفكر فيه”.
ويضيف الكاتب “أو ربما، بحكم خبرته الطويلة في مجلس الشيوخ والبيت الأبيض، تذكر كيف أن رسم خطوط حمراء كانت نتائجها سيئة بالنسبة لباراك أوباما عندما تعلق الأمر بسوريا، ولجورج بوش الابن في مواجهته مع كوريا الشمالية وإيران”.
وأوضح كاتب المقال أن حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط فوجئوا بتراجع أوباما عن الخط الأحمر في سوريا، في حين انتُقد جورج دبليو بوش على غزوه دولة لا تمتلك أسلحة نووية هي العراق، في وقت أجرت فيه كوريا الشمالية أول تجربة لسلاح نووي في عهده.
ومع ذلك، يرى سانغر أن بايدن رسم هو الآخر خطا أحمر واحدا لإسرائيل، إذ هدد بأنه سيفرض لأول مرة قيودا على كيفية استخدامها الأسلحة التي يزودها بها، إذا مضى الإسرائيليون قدما في خططهم بشن عملية عسكرية أخرى (في رفح) وأسفرت عن خسائر كبيرة في صفوف المدنيين.
ليس ضد إسرائيل بل ضد نتنياهو
وحتى الآن، رفض الرئيس الأميركي اتخاذ خطوة من هذا القبيل حين قال -في حواره نهاية الأسبوع الماضي مع شبكة “إم إس إن بي سي” الإخبارية- إنه لا يوجد أي خط أحمر تجاه إسرائيل، وإنه لن يمنع عنها الأسلحة ولن يتخلى عنها أبدا، لكنه وجه انتقادات إلى نتنياهو.
غير أن بايدن يعيد النظر “ببطء” على ما يبدو في عزوفه عن فرض قيود على كيفية استخدام إسرائيل الأسلحة التي تشتريها، كما يقول بعض المسؤولين الأميركيين.
ووفقا لمقال “نيويورك تايمز”، فإن الحديث عن خطوط حمراء ليس بالأمر الجديد، ذلك بأن زعماء من جميع المشارب -سواءً رؤساء لدول ديمقراطية أو استبدادية- غالبا ما يستشهدون بهذه العبارة لدرء أي تحركات تفكر فيها دولة أخرى “العواقب ستكون أشد إيلاما مما تتصوره (تلك الدولة)”.
ولعل الغريب في الحالة الأميركية الإسرائيلية أن تلك الخطوط تضعها دولتان حليفتان “تحتفيان دائما بعلاقتهما الوثيقة، بيد أن حوارهما بدأ يصبح جارحا إلى حد ما”.
ويعتقد سانغر أن بايدن باستخدامه عبارة “الخط الأحمر” بما تنطوي عليها من إيحاء بوجود نوع من الفخاخ، إنما يخوض منطقة خطرة تعرض لها من قبله رؤساء أميركيون قالوا إن خصوم الولايات المتحدة أو حلفاءها لا يستطيعون تجاوزها دون أن يتسبب لهم ذلك بعواقب وخيمة.