❖ حسين عرقاب
نشر موقع «LA biotech» تقريرا أكد فيه الاهتمام القطري بالاستثمارات الصيدلانية على المستويين المحلي والخارجي، مشيرا إلى أن مشاريع هذا القطاع تعد واحدة من بين الوجهات الرئيسية للدوحة، التي نجحت خلال الفترة الأخيرة في التأسيس للعديد من المنشآت المهتمة بهذا المجال، بالإضافة إلى الدخول في مجموعة من الشراكات رفقة مؤسسات دولية عملاقة في الصناعة الصيدلانية، وهو ما يجعل قطر لاعبا رئيسيا ومؤثرا في هذا المجال بالذات، الذي يعد بالكثير خلال المرحلة المقبلة، بالنظر إلى التطورات التي يشهدها العالم في الوقت الراهن، والتي جعلت من تحسين جودة هذا القطاع أمرا ضروريا من أجل تجاوز الأزمات الصحية التي قد تظهر بين الفترة والأخرى، في صورة تلك التي مر بها العالم قبل سنوات قليلة من الآن، مع تفشي فيروس كورونا المستجد.
قيمة الاستثمار
وقدر التقرير استثمارات قطر في قطاع الصحة والصناعة الصيدلانية بـ 11.8 مليار دولار أمريكي، ذلك بشكل متنوع من الناحيتين التقنية وكذا الجغرافية، حيث ضخت الدوحة أموالا معتبرة في العديد من الشركات الموجودة في قارة آسيا، بالإضافة إلى كل من أوروبا وأمريكا الشمالية، ذاكرا بعض الاستثمارات القطرية في هذا القطاع، من بينها تلك المرتبطة بشركة «CureVac» الألمانية التي كانت البوابة الأولى لحصول الدوحة على لقاح فيروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى استثمارها مؤخرا لقيمة 250 مليون دولار أمريكي في شركة «BridgeBio» المتخصصة في الطب التحويلي للمرضى الذين يعانون من السرطان أو الأمراض الوراثية.
وشدد التقرير على أن الاستثمار القطري في قطاع الصحة لم ينحصر فقط على المشاريع الخارجية فقط، بل عملت الدوحة في ذات الفترة على إطلاق العديد من المشاريع المحلية المندرجة تحت الإطار، حيث بلغ حجم الاستثمار في المصانع الوطنية 396 مليون ريال قطري، موزعة على 11 مصنعا تنشط في تقديم مختلف المنتجات الصيدلانية، وذلك حسب ما كشفت عنه بوابة قطر الصناعية التابعة لوزارة التجارة والصناعة، والتي أبانت عن زيادة في قيمة الاستثمار في هذا المجال بـ 95 مليون ريال في الخمس سنوات الأخيرة، بعد أن بلغ حجم المشاريع المهتمة بهذا القطاع 301 مليون ريال قطري في نهاية عام 2018.
توقعات النمو
وتوقع التقرير أن تشهد الصناعة الدوائية في قطر نموًا ملحوظًا في الأعوام المقبلة، مدفوعًا بتوسع الطبقة الوسطى، وارتفاع معدل الشيخوخة بين سكان العالم، مستندا في ذلك على أحدث دراسات وكالة ترويج الاستثمار، والتي أكدت على الفرص المجزية التي يوفرها هذا القطاع للمستثمرين، مع توقعات نمو سوق الأدوية بنسبة 165.2 % بين عامي 2020 و2030، مشيرا إلى أن الطفرة التي حققها هذا القطاع خلال الحقبة التي أعقبت جائحة كوفيد 19، وظهر ذلك جليًا في العدد القياسي لصفقات الأدوية الحيوية، والاستثمارات الكبيرة في أنظمة الرعاية الصحية، وقد حظي هذا التوجه بالاهتمام في منطقة الشرق الأوسط، وخاصةً في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تُشكّل صناعة الأدوية مرحلة جديدةً لها.
أسباب التوجه
ولفت التقرير إلى أن توجه قطر نحو زيادة استثماراتها في هذا القطاع يرجع إلى العديد من الأسباب، أولها الحرص الحكومي على تحقيق أهداف رؤية قطر 2030، وعلى رأسها تعزيز مصادر دخل الاقتصاد الوطني، والتقليل من الاعتماد على النواتج المالية المتعلقة بصادرات الغاز الطبيعي المسال، عبر تقوية وتعزيز مجموعة من الموارد وأولها المرتبطة بالاستثمارات الخارجية، لاسيما تلك المعتمدة بالقطاعات المستقبلية كقطاع الصناعة الصيدلانية، الذي من المفترض أن يقدم فرصا جد واعدة في الفترة القادمة، بالنظر إلى المعطيات الموجودة حاليا، والتي كشفت عن تسجيل الإنفاق على البحث والتطوير ارتفاعًا كبيرًا، وصل إلى 189 مليار دولار في 2020.
ويشير هذا النمو المتوقع إلى التوسع المطرد في الصناعة الدوائية في أعقاب الجائحة، والاستثمارات الكبيرة في أنظمة الرعاية الصحية في العالم، فبحلول عام 2025، ينتظر أن يصل سوق الأدوية إلى 2,051 مليار دولار، بزيادة قدرها 70 % عن 2020، وعلى نحو مماثل، فقد أشارت التوقعات السابقة إلى ارتفاع مبيعات الأدوية بنسبة 32 % ابتداءً من عام 2020 لتصل إلى 181,1 مليار دولار في العام الحالي، كما يرتقب أن يصل حجم سوق الطب الشخصي إلى 796.8 مليار دولار بحلول 2028، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 6.2 % حتى 2028، وهي المعطيات التي من شأنها تحفيز الاستثمارات القطرية في هذا القطاع، والسير بها نحو الأمام، في ظل البحث القطري الدائم عن اقتناص الفرص التي تطرحها الأسواق المستقبلية، وفي مقدمتها الخاصة بالصحة والصناعة الصيدلانية.
جذب الأجانب
وبين التقرير أن التوجه القطري نحو الاستثمار في هذا القطاع، لا يعني تضاعف حجم المشاريع القطرية في هذا المجال فقط، بل يتعداه إلى تحولها إلى محور رئيسي لهذا النوع من الصناعات، من خلال استقطاب المستثمرين الأجانب، لما توفره من مناخ أعمال تنافسي، وبنية تحتية طبية شاملة، واستثمارات كبيرة في عمليات البحث والتطوير، دون نسيان التزامها بتوفير خدمات عالمية المستوى، وهي التي تتصدر الإنفاق على الرعاية الصحية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي بـ1,827 مليار دولار.